نظمت كلية أصول الدين بتطوان صبيحة يوم الأربعاء 24 صفر 1436 هـ الموافق ل 17 دجنبر 2014 م ندوة علمية في موضوع : ( حاجة الأمة إلى الاقتداء بسيد البشرية عليه الصلاة والسلام ) ، بمشاركة أساتذة فضلاء وعلماء أجلاء من داخل الكلية وخارجها .
انطلقت هذه الندوة التي سيرها الأستاذ زين العابدين الحسيني بتلاوة آيات عطرة من كتاب الله العزيز ، تلتها كلمة السيد عميد كلية أصول الدين الدكتور محمد الفقير التمسماني الذي رحب فيها برئيس المجلس العلمي المحلي لطنجة أصيلة وبرئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق وبرئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة فحص أنجرة وبالسيد المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبالسادة أعضاء المجالس العلمية وبالسادة الأساتذة المشاركين في الندوة وبأصحاب الفضيلة والسيادة العلماء والأساتذة وبالطلبة والطالبات وبعموم السادة الحاضرين مذكرا بموضوع الندوة العلمية ، فهو موضوع الساعة نظرا لحاجة الأمة في وقتنا الراهن للاقتداء بخير البرية محمد صلى الله عليه وسلم ، أعقب ذلك توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين كلية أصول الدين والمجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة أصيلة بحضور فضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني عميد الكلية وفضيلة الدكتور محمد كنون الحسني رئيس المجلس اللذين وقعا على بنود هذه الاتفاقية .
وعرفت أطوار هذه الندوة سبع مداخلات :
المداخلة الأولى كانت لفضيلة العلامة الدكتور محمد كنون الحسني رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة أصيلة الذي عبر في البداية عن كامل اعتزازه بمناسبة توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة تطوان من جهة وكلية أصول الدين بتطوان من جهة أخرى والتي تندرج في إطار الجهوية الموسعة داعيا طلبة الكلية للمشاركة في المسابقات العلمية التي ينظمها المجلس . بعد ذلك انتقل السيد المتدخل لعنوان الندوة الذي اعتبره عنوان الساعة باعتبار المسلمين الآن في أمس الحاجة لمناقشة مثل هذا الموضوع ومدارسته ، فالكل يجمع على أن أزمة العالم هي أزمة قيم ، فغيابها عن مجتمعات اليوم هو أساس الفشل مما يستوجب البحث عن حلول ومعالجات والتي لا شك أنها تختلف من مجتمع لآخر ، ونحن المسلمين واجب علينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكمال الإيمان مرتبط بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان حبه صلى الله عليه وسلم واجب علينا فإنه يقتضي الاقتداء به واتباع سنته والتأسي بمنهجه ، والسير على هداه مصداقا لقوله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) .
المداخلة الثانية : تناول فيها فضيلة الدكتور توفيق الغلبزوري رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق مسألة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال استعراضه لمجمل الأحداث المؤسفة التي تعيشها البشرية اليوم والتي اختلط فيها الحابل بالنابل حيث أصبح الأشرار والغلاة ، خوارج العصر على حد قوله هم القدوة لدى بعض شبابنا وللأسف الشديد ، داعيا الأمة للاقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه الله سبحانه وتعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعلمين ) ، فتحقيق الرحمة في الوجود البشري هي المقصد الأساس من البعثة النبوية ، وما أحوجنا اليوم لترسيخ قيمة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده والتحذير من البدع والمنكرات .
المداخلة الثالثة : لامس فيها فضيلة الدكتور عبدالسلام فيغو رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الفحص أنجرة مسألة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم بوجوب اتباع سنته صلى الله عليه وسلم ومحبته ، فهذا النبي العظيم ربط الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صراط من خلال الوحي الذي تلقاه صلى الله عليه وسلم . والله سبحانه وتعالى وفي أكثر من 40 آية قد ربط محبته باتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والبشرية اليوم محتاجة إلى الاقتداء والتأسي بشمائل المصطفى صلى الله عليه سلم أكثر ما هي محتاجة إلى منظرين يرسمون المستقبل من خلال خيالهم وأفكارهم التي تبقى قاصرة باعتبارها من إنتاج البشر .
المداخلة الرابعة : للدكتور محمد علي بن الصديق الذي أكد على أهمية الموضوع ، وأهمية الدلالة عليه ، فهو موضوع الساعة ، وحاول في مداخلته الإجابة على التساؤل التالي كيف نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ انطلق المتدخل في الإجابة على هذا التساؤل من خلال الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير ، قال أحسبه فطيما ، فكان إذا جاء قال يا أبا عمير ما فعل النغير .." . فهذا حديث ذو شجون ، وفيه من الفوائد الشئ الكثير ، فهو يدلل على حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها ، فكان صلى الله عليه وسلم لشدة تواضعه يخص في زياراته بعض خدمه ويمزح معهم وهذا يدلل على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ، فما أحوج الأمة اليوم ونحن نستحضر هذه الشمائل المحمدية العظيمة إلى الإقتداء والتأسي بخير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم .
المداخلة الخامسة : للدكتور عبدالهادي الخمليشي عضو المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق الذي عنون مداخلته ب : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق في المجال الاقتصادي " ، حيث ربط بين مسألة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي بأخلاقه الحميدة وبين المجال الاقتصادي الذي يقوم في الإسلام على أسس يمكن استنباطها من الآية الكريمة: ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ) ، فالآية الكريمة تضم مجموعة قواعد تؤطر الجانب الاقتصادي ، فهو اقتصاد يراعي الجانب الأخلاقي باعتباره موجها أولا وقبل كل شئ إلى الله سبحانه وتعالى ، وتنتفي فيه جميع مظاهر الظلم والاستغلال ، فهو يهدف إلى توظيف المال في مشاريع إصلاحية توفر الضروريات وتسد رمق الإنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم .
المداخلة السادسة : للأستاذ أحمد بوزيان عضو المجلس العلمي المحلي بتطوان ، الذي أكد على ضرورة الاقتداء بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فذاك هو الطريق الوحيد للقضاء على مختلف المشاكل والمعضلات التي يعيشها العالم في وقتنا الحاضر والتي لم يجد لها الساسة أي حل ، والاقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباع سنته في مختلف مناحي الحياة ، وتنشئة صغارنا على هذا النهج القويم ، وأشار المتدخل أيضا في كلمته الموجزة إلى أن مسؤولي التربية والتعليم في بلادنا ما فتئوا يؤكدون على ضرورة إحياء الكتاتيب القرآنية كحل أمثل لمحاربة الهدر المدرسي لدى المتعلمين والذي وصل إلى أرقام مفزعة ومخيفة ، إذن فرجوعنا إلى سنة رسولنا هو الحل الأقوم لمعالجة مشاكلنا يختم المتدخل .
المداخلة السابعة : لفضيلة الدكتور محمد الفقير التمسماني عميد كلية أصول الدين ، الذي كانت كلمته بمناسبة هذا اللقاء توجيهية وموجهة إلى طلبة الكلية ، حيث جاءت على صيغة سؤال : مدى تشبت طلبتنا واقتدائهم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ هذا النبي العظيم الذي رسم بسنته سياسة التعليم لهذه الأمة فأخرجها من الظلمات إلى النور ، فحري بنا نحن جميعا الاقتداء به والسير وفق منهجه . وقد تفضل السيد العميد بطرح التساؤل التالي : هل نحن في مستوى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه ؟ وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال تطرق إلى التعريف بالصحابة رضوان الله عليهم الذين هم أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد تبوأوا مقام الأفضلية و المنزلة الرفيعة لأنهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كانوا رضوان الله عليهم من شدة حبهم واقتدائهم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم يتهيبون النظر في وجهه تعظيما وتوقيرا له صلى الله عليه وسلم ، وكانت صورته لا تفارق قلوبهم وصدورهم بحال من الأحوال وكذلك كان التابعون وعلى رأسهم إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه . فهذه صور عظيمة شهد التاريخ بها تدلل على مدى اقتداء هذه النخبة من الأمة في اقتدائها برسول الله صلى الله عليه وسلم .
واختتمت أشغال هذه الندوة العلمية بفتح باب التدخلات والتعقيبات التي أغنت بدورها أشغال هذا اللقاء .